من عادتي أني أخرج في الصباح الباكر مرة واحدة في الأسبوع لأمارس الرياضة البدنية،وأفضل العدو لأنه ينشط عضلات القلب ،ويحسن الدورة الدمويّة..إلى غير ذلك من الفوائد الجمة التي لا تعدّ ،ولا تحصى..فقمت كعادتي بما أقوم به..؛وبعد رجوعي إلى البيت..؛وبينما أنا في الطريق إذ شدّ انتباهي سوادا في مكان منعزل تحت ظل شجرة فجلست أرقب ذلك..إذ هي جموع من النمل الأسود ملأت جزءا كبيرا من تلك المساحة..، وقد اصطفت صفوفا منتظمة؛وكأنها تريد أن تقيم حربا مع غيرها..وقامت واحدة في مكان عال فوق صخرة صغيرة فقلت في نفسي: ما تريد أن تفعل وبعد ثوان تكلمت، وأشارت فترجمت ذلك في هذه الخاطرة.."أيها النمل اسمعوا،وعوا لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا..فقلت سبحان الله أتحفظ شيئا من خطبة الوداع؟! ثم واصلت كلامها،وأنا أصغي إليها باهتمام بالغ.."إن حياتنا مرهونة بالعمل،ولا عمل بدون إتقان ،ولا إتقان بدون إخلاص ،ولا إخلاص بدون مراقبة الله..إننا سنبني ممرات كثيرة ،وحجرات مخصصة لحفظ الطعام،ونقوم دوما بتنظيفها "لأن النظافة من الإيمان ،والوسخ من الشيطان."؛وكل صنف يقوم بدوره الملكات يضعن البيض بعد التزاوج مع الذكور؛والعاملات بجمع الطعام من الخارج ،وتخزينه،و إطعام اليرقات،ورعايتها،وعاملات أخريات يقمن بمهمة الحراسة ،وطرد الغرباء؛وأما المزارعون فيقومون بتنظيف قطعة من الأرض،وتسميدها بالأوراق ،وبعض المواد الخاصة...والله الذي لا إله غيره من يتهاون في عمله،ولا يقوم بدوره لقتلناه شرّ قتلة،والقانون فوق الجميع ،ولا مجاملة مع أحد..فقامت نملة قد بلغت من السن عتيا...:"هل علي عمل بعد الذي ترين؟قالت : نعم ولا أسمح لأحد بالكسل،والتهاون ،والجلوس في الطرقات! فقامت نملة شابة قائلة: عندي سؤال وجيه قالت الخطيبة : هات ما عندك قالت :ما أحط أمة في العصر الحاضر؟طأطأت الخطيبة رأسها ثم رفعته ،وقد تحجرت الدموع في عينيها إنها أمة الإسلام!! فشدت انتباه الجميع.. ثم واصلت إنها أمة تلبس مما لا تنسج ،وتأكل مما لا تزرع ،وتقتات من موائد الغرب إنها أمة ضعيفة تكاد تموت رغم ما عندها من خيرات جسام..العاطلون أكثر من العاملين ،والعاملون لا يتقنون أعمالهم إلا قليلا ..ألا يأخذون العبرة من الأمم الأخرى أم لهم قلوب لا يعقلون بها؟..أم على قلوب؟ أقفالها إنها لن تنهض إلا بالرجوع إلى المنبع الصافي ألا وهو الإسلام..ثم قالت : ما بقي من الوقت إلا قليلا ،والوقت هو الحياة..هيّا إلى العمل فقلت في نفسي: هيّا إلى الكسل ،وما فاز إلا النوم!
الإثنين أبريل 06, 2009 11:31 pm