فلسفة السجود للّه.

إن الله فرض علينا فرائض عظيمة..،وأركانا لا بدّ من الإتيان بها،وتحقيقها
،وأجلّها بعد شهادة ألاّ إله إلاّ الله محمّد رسول الله الصلاة فهي عماد
الدين،ورأس القربات،وغرّة الطاعات،والصلاة من أبرز المظاهر العملية التي تجسّد
الإيمان..والصلاة صلة بين العبد ،وربّه بها يستمدّ العون منه ليقوى على أداء
الطاعات،وتنميّة المجتمع ،والأمّة،ويسمو إلى أعلى درجات الكمال،فهي تمدّ المجتمع
بالقوّة الروحيّة اللازمة للإصلاح حتّى يسود الخير،والحق ،والعدل،والتسامح
والتعاون ،والإيثار؛وهي عنصر أساسيّ في شخصية المسلم لهذا حرص الإسلام على وجوب
القيام بها في كلّ الظروف،والأحوال بالطريقة التي يسمح بها الموقف..والصلاة-كما هو
معلوم-عبارة عن أقوال ،وأفعال يقوم بها المسلم تقرّبا إلى الله؛وأعظم هذه الأعمال
السجود،والذي نعني به الخضوع ،والتذلل للّه ربّ العالمين..ما أجمل أن يسجد المسلم
لخالقه الذي أذعن له كلّ ما في السموات ،والأرض طوعا أو كرها! فيضع أعضاءه السبعة
على الأرض فيضع ناصيته التي حملت السيّئات،وأنفه الذي عربد،وتكبّر"رافعا أنفه
جلالا،وتيها"،وبصره الذي رأى المحرمات طيلة يومه،وانزلق في رؤية ما لا يحلّ
له "والعين تزني،وزينها النظر"،ويديه التي اقترفت إثما ،أو بطشت ظلما و
عدوانا"الظلم ظلمات يوم القيامة"،وركبتيه التي زاحمت مالا يليق،ورجليه
التي ذهبت إلى مالا يحقّ،وكانت سببا في السعي إلى الحرام،وعقله الذي فكّرفي أشياء
لا يجوز التفكير فيها ،وقلبه الذي سكن للمعاصي،والذنوب ،واللمم ولو كان مع هذا
السجود الخشية ،والبكاء لكان أعظم فيغسل المسلم سيّئاته "بعين بكت من
خشية الله" فترقى نفسه،وتمحى ذنوبه،وإن كانت مثل زبد البحر ،أو عالج
الرمل..فينضر وجهه ويظهر عليه رونقا ،وجمالا "من أثر السجود" إنّها لمسة
نقية،زلفى لا تدانيها مكانة في الدنيا ..فالسجود من أعظم القربات،وأعظم
الطاعات،وأشرف العبادات..إنّه -حقّا -معراج لروح المؤمن كلّ يوم خمس مرّات..هذه كلمات لمن ألقى السمع،وهو
شهيد