حقيقة الحبّ في الإسلام

إنّ الحبّ كلمة صغيرة الحجم عظيمة الحروف ،قويّة البناء صلبة،رقيقة الملمس
زاهية المنظر تتشكّل بأشكال مختلفة الأحجام،والألوان كثيرة الحركة،والتقلّبات
لأنّها مرتبطة بالقلب وسمي كذلك لأنّه يتقلّب -اللهم يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا
على دينك-فالحبّ روح القلب ،ومادّتها التي يتغذى منها،وموطن المشاعر
،والأحاسيس،ومربط الخشية ،والخوف من الله ؛لكن لا يعرف أحد جوهرها،وماهيتها إلاّ
من وصل الإيمان إلى قلبه،وتغلغل فيه،بل سكن بداخله،وأبى الخروج منه ،وهذه
المشاعر(الحبّ) يجب أن تصرف أوّلا إلى الله-عزّ،وجلّ-لأنّه خالقنا ،ورازقنا،ومحيينا،ومميتنا،ورافعنا
وخافضنا..و..قال الله تعالى :"ومن الناس من يتخذ من الله أندادا يحبّونهم
كحبّ الله والذين آمنوا أشدّ حبّا لله"فقلب المؤمن يهفو بذكر الله ّولسانه
يذكره كلما ذكره الذاكرون ،وغفل عن ذكره الغافلون..بل كلّ ذرة من جسمك تقفز طربا
،وتعظيما إذا سمعت كلمة الله فإذا أردت أن تنمي هذه المشاعر في قلبك فعليك بذكر
الله على كلّ حال،وتتلفظ بصيغة"ياألله" خالصا من قلبك فتر العجب
العجاب،وأن كلّ شيىء بداخلك يتحرّك نحو خالقك..؛بعد ذلك وجّه هذه المشاعر الطيّبة
إلى معلّم البشريّة الخير-ضع خطّا أخضر تحت كلمة الخير،وما تحمل من معان ساميّة
راقية..والدليل على ذلك عندما قال عمر -رضي الله عنه- للنبيّ -صلى الله عليه
،وسلّم- إني أحبّك لكن ليس مثل نفسي فقال له النبيّ -صلى الله عليه
وسلّم-مازلت ياعمر..ففطن عمر -رضي الله عنه-لما قال ،وصحّح مقولته قائلا: أحبّك
أكثر من نفسي فقال -عليه الصلاة ،والسلام-:الآن ياعمر.؛وقال -صلى الله عليه
،وسلّم-:"لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من والده ،وولده،والناس
أجمعين"؛ثمّ يأتي بعد ذلك الرسل،والأنبياء-عليهم الصلاة ،والسلام-،والصالحون
من عباد الله،والوالدان ،والزوجة ،والأولاد،ومن في قلبه ذرّة من الإيمان ؛وأخيرا
الإنسانيّة لأنّ الإنسان مفطور على حبّ هؤلاءلكن ما نراه بين الناس قد تغيّر مدلول
كلمة الحبّ ،وأصبحت توجّه غير وجهتها الصحيحة فاختلط فيها السمج ،واللذيذ ،والحلو
،والمالح،والغث ،والسمين،وظهرت عليها حبيبات معدية تحرّك الشهوات إلى ما لايحمد
عقباه..صحيح أنّ المشاعر التي تتحرك بداخلنا قدد أفرزها القلب لكن العقل السليم
يوجهها الوجهة السليمة،ويغربلها حتّى تصفو صفاء نقيا فتزهر ،وتثمر،وتعطي آثارها
الطيّبة؛أمّا إذا تحركت في النّفس البشريّة،وعطّل الإنسان عقله هنا تتدخل
الشهوات..فتكون الآثار سلبيّة..والواقع أكبر شاهد على ذلك الكثير من أهل الفنّ
الساقط،والهابط،والساحق ،والماحق يتشدّقون بكلمة الحبّ ولا يدركون لها معنى هدفهم
،وغايتهم أن يحركوا هذه البراكين الخامدة فتحرق اليابس ،وتأتي على الأخضرفترى في
قاعة الحفلات ،والمسلسلات العربيّة ،والمدبلجة التي أماتت الظمائر ،وأحيت الرذائل
هذه الخزعبلات التي لاحياء لها فهؤلاء القوم عبدوا الحبّ ،وتركوا خالق هذه
الفطرة النقيّة قال تعالى :"فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق
الله ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لايعلمون" ،ليس معنى ذلك أنّني أنكر
الحبّ وأطمس هذه المشاعر ،ولكن أريد تهذيبها حتّى ترجع إلى أصلها الأوّل ،والرجوع
إلى الأصل فضيلة،والسلام

اخي كم يسعدني تواجدك المستمر في المنتدى

فبوجودك دعم للمنتدى

اتمنى لك كل التوفيق والسعاده

دمت بالف خير

موضوع رائع

اتمنى لكم التوفيق